Thursday, May 14, 2009

هوَ المَوْتُ، فاصْنَعْ كلَّ ما أنتَ صانعُ


هوَ المَوْتُ، فاصْنَعْ كلَّ ما أنتَ صانعُ *** وأنْتَ لِكأْسِ المَوْتِ لاَ بُدَّ جارِعُ


ألا أيّها المَرْءُ المُخادِعُ نَفسَهُ *** رُويداً أتَدْرِي مَنْ أرَاكَ تخَادِعُ


ويا جامِعَ الدُّنيا لِغَيرِ بَلاَغِهِ *** سَتَتْرُكُهَا فانظُرْ لِمَنْ أنْتَ جَامِعُ


وَكم قد رَأينا الجامِعينَ قدَ اصْبَحَتْ *** لهم، بينَ أطباقِ التّرابِ مَضاجعُ


لَوْ أنَّ ذَوِي الأبْصَارِ يَرَعُوْنَ كُلَّمَ *** يَرَونَ، لمَا جَفّتْ لعَينٍ مَدامِعُ


فَما يَعرِفُ العَطشانَ مَنْ طالَ رِيُّهُ *** ومَا يَعْرِفُ الشَّبْعانُ مَنْ هُوَ جائِعُ


وَصارَتْ بُطونُ المُرْملاتِ خَميصَةً *** وأيتَامُهُمْ منهمْ طريدٌ وجائعُ


وإنَّ بُطُونَ المكثراتِ كأنَّما *** تنقنقُ فِي أجوافِهِنَّ الضَّفَادِعُ


وتصْرِيفُ هذَا الخَلْقِ للهِ وَحْدَهُ *** وَكُلٌّ إلَيْهِ، لا مَحَالَةَ، راجِعُ


وللهِ فِي الدُّنيَا أعَاجيبُ جَمَّة *** تَدُلّ على تَدْبيرِهِ، وبَدَائِعُ


وللهِ في أسرارُ الأمُورِ وإنْ جَرَتْ *** بها ظاهِراً، بَينَ العِبادِ، المَنافِعُ


وللهِ أحْكَامُ الْقَضَاءِ بِعِلْمِهِ *** ألاَ فهوَ معْطٍ مَا يَشَاءُ ومَانِعُ


ذا ضَنّ مَنْ تَرْجو عَلَيكَ بنَفْعِهِ *** فذَرْهُ، فإنّ الرّزْقَ، في الأرْضِ، واسعُ


وَمَنْ كانَتِ الدّنْيا هَواهُ وهَمَّهُ *** سبَتْهُ المُنَى واستعبدَتْهُ المَطَامِعُ


وَمَنْ عَقَلَ استَحيا، وَأكرَمَ نَفسَه *** ومَنْ قَنِعَ استغْنَى فَهَلْ أنْتَ قَانِعُ


لِكلِّ امرِىء ٍ رأْيَانِ رَأْيٌ يَكُفّهُ *** عنِ الشّيءِ، أحياناً، وَرَأيٌ يُنازِعُ



هوَ المَوْتُ، فاصْنَعْ كلَّ ما أنتَ صانعُ
أبو العتاهية
العصر العباسي



"الحمد لله الذي هداني لهذا وما كنت لأهتدي لولا أن هداني الله"

0 comments:

Post a Comment